روايه اخطائي الجزء الاول شهد محمد جادالله
المحتويات
هيكون في ربط بين الألوان والفرش والخامات وكل ده تقديره بيكون حسب التكلفة اللي حضرتك بتعلمني بيها...
كان يستمع لها وهو منبهر بعمليتها فمن تقف أمامه للتو يقسم انها خلقت لتكون قوية صامدة وناجحة بكل المقايس لا تلك المرأة الهشة الضعيفة التي شهد على انكسارها فصدق من قال أن القوة الحقيقة تتولد بعد الأنكسار
انتشله صوتها المنفعل وخيل له أنها على وشك أن تنقض عليه تفتك به لذلك رد بخفة كي يخفف حدة الحديث
بغض النظر عن كمية حضرتك اللي في الكلام بس تمام اعملي اللي شايفاه انسب
تنهدت بعمق وردت بإقتضاب شديد وهي تستشيط غيظا من طريقته
تمام
كبت ضحكته بصعوبة على ردود أفعالها وقال بملامح حاول أن تكون جدية
يعني افهم من كده إني أخدت من حضرتك موافقة مبدئية
زفر حانقا وقلب عينه بملل من تلك الرسمية الممېتة التي تتحدث بها وقال ببساطة دون عناء التكلف
أنا موافق على اي حاجة تقوليها يا بشمهندسة بس بالله عليك أنا عندي فوبيا من الرسميات يعني كفاية دكتور بلاش حضرتك دي مبتنزليش من زور
احنا خلصنا عن اذن حضرتك يا دكتور
وقف ينظر لآثارها ببسمة مشاكسةيمسد بسبابته أرنبة انفه كعادة ملازمة له قائلا
الثاني والثلاثون
من السهل أن نتفادى مسؤولياتنا ولكن لن نستطيع أن نتفادى النتائج المترتبة على ذلك.
في خضم كل ما تمر به حاولت أن تهاتفه كثيرا كي تطمئن على أحواله خاصة أنه في تلك المرات التي كان يسأل بها عن يامن وعلم باختفائه انقطعت اخباره عنها تأكلها قلبها عليه وخاصة كونه لم يجيبها لذلك ذهبت لمنزله القريب وها هي تطرق الباب لعدة مرات دون جدوى وإن كادت تيأس وتغادر فتح و تفاجئ بها
طالعت ثريا هيئته الرثة مستغربة ثم عاتبته
ايوة خالتك اللي نستها يا واطي ومهنش عليك تطمن عليها في غياب ابنها
نكس رأسه قائلا بخزي
حقك عليا
مش هتقولي اتفضلي ولا ايه
افسح المجال لها مرحبا
اتفضلي يا خالتي هو أنت محتاجة إذن
تقدمت ثريا بخطوات وئيدة قائلة
انا كنت حالفة مدخل البيت ده تاني بس اعمل ايه قلقت عليك وخۏفت لما اختفيت مرة واحدة
انا زي ما أنت شايفة...
تنهدت ثريا وهي تشمل هيئته الغير مرتبة ابتدائا من خصلات شعره المبعثرة إلى وجهه الشاحب وذقنه المستطالة دون تهذيب وعينه الغائرة وتلك الهالات الداكنة التي تحاوطها وتدل كونه لم ينم ولم يذق طعم الراحة من زمن لتتنهد وتقول وهي تجلس على أحد المقاعد القريبة مشمئزة من الفوضى التي تعم المكان والغبار الذي يكسو كل شيء حولها
هو انت مالك عامل ليه كده وبعدين ده البيت اللي كان بيشف ويرف من النضافة...البيت كأنه مهجور مفهوش واحدة ست
لم يجيبها بل ظل منكس الرأس حين تساءلت
هي مراتك هنا
نفى برأسه وقال بخزي من نفسه قبل أي شيء أخر
لأ أصرت تطلق وطلقتها
لوت ثريا شدقيها وقالت متهكمة تذكره بحمئته لها
أصرت أمال فين الحب اللي كانت بتحبهولك وفين مصلحتك اللي كانت ھتموت عليها
رد بندم
بلاش تزودي همي يا خالتي كفاية عليا اللي حصلي ...لتحين منه بسمة مټألمة وينعي نواقصه وتلك النعم التي حرم منها
انا غبي وضيعت كل حاجة لا عارف انام ولا أكل ولا أشرب ولا ألبس والبيت زي ما انت شايفة حتى ولادي اتحرمت منهم
سايرته ثريا قائلة
اللي حصل حصل واظن ده كان قرارك ولازم تتحمل عواقبه... وبعدين مهما كان ولادك هيفضلوا ولادك و متنساش أن ليهم حق عليك مش معنى أنك طلقت امهم يبقى تنساهم وتاخدهم في الرجلين
انا بټعذب من غيرهم يا خالتي ونفسي اشوفهم واحضنهم واشم ريحتهم بس خاېف رهف تطردني وتكسفني قدامهم
بلاش حجج فارغة روح وشوف ولادك رهف اصيلة ومستحيل تعمل كده...
طب تفتكري في أمل تسامحني
رغم انها تعاطفت معه كأي أم ولكن تعلم حق المعرفة انه يستحق هو من اوصل ذاته لهنا لذلك ردت عليه بصراحة عادلة كي ترضي ضميرها
تسامحك ازاي يا ابني ده أنت حړقت كل المراكب وراك ومخلتش طريق رجعة وبعدين أنت اللي فرطت فيها وعمرك ما عرفت تحافظ عليها...وكنت مصمم على اختيارك ومفكرتش حتى تتراجع عنه في سبيل ولادك و كنت بتبرر اللي عملته و بتفرض عليها جوازك من التانية بالعافية وعايزها تتقبل وترجعلك الفلوس وتفضل ذليلة ليك...
وحتى في عز ما كانت مکسورة روحتلها بس علشان تساومها ومفكرتش في حاجة غير مصلحتك
مرر يده بخصلاته وقال بقناعات مازالت راسخة بركن ما من عقله رغم كل شيء
يا خالتي متصعبهاش عليا انا عارف إني غلطت وضعفت وبعدين انا معملتش حاجة حرام انا اتجوزت ومنكرش إني ندمت ...
الندم متأخر ومبقاش يفيد يا حسن
أنت جاية عليا يا خالتي
انا نصحتك كتير وكان عندي أمل تغير من نفسك بس أنت عمرك ما اتعظت ومع ذلك هكلمها يا حسن ومش علشانك لأ علشان العيال و علشان ابقى عملت اللي عليا وربنا يقدم اللي فيه الخير
وعند أخر قولها تهللت اساريره بشدة وهو يأمل في فرصة ثانية تعيد له الحياة.
اتى ذلك اليوم المنتظر وها هي تجلس على ذلك المقعد الوثير المقابل لفراشها التي لطالما استيقظت و وجددته يتأملها من عليه أثناء نومها فقد
فرت دمعة حاړقة كوت وجنتها بنارها ولهيب تلك الذكريات يهلك قلبها وسؤال لعين واحد يتردد برأسها كيف تمكن من خداعها فإن أحبها حقا...كيف هان عليه فراقها .
فقد مر على غيابه شهر واربعة عشر يوم وتسع ساعات و دقيقتين وبضع ثوان
عجاف كادت تفقد عقلها من دونه وملت من احتساب الوقت حتى تملك منها اليأس لدرجة انها اصبحت منطفئة لا تتحدث فقط شاردة ودمعاتها تنهمر من عيناها دون حديث تحتضن ذلك الثوب الذي عثرت عليه بشنطة سيارته بيدها وكأنه كافة احلامها تتجسد به...
انتشلها من بؤسها
دلوف ثريا قائلة بحنو شديد
كل سنة وانت طيبة يا بنتي
رفعت سوداويتاها الذابلة لها وقالت وهي تكفكف دمعاتها و تنهض تعلق فستانها بداخل خزانتها
وانت طيبة يا ماما ثريا
ربتت ثريا على كتفها بود وقالت ببسمة هادئة تواسيها
مش قولنا بلاش عياط حرام عليك نفسك يا بنتي
هزت رأسها واخبرتها بثبات واهي تحاول أن تجيده
أنا كويسة... و هبقى احسن
إن شاء الله يا بنتي ربنا هيصلح الحال
أومأت
متابعة القراءة