شوق

موقع أيام نيوز


تلك الطعڼة القاضية التي تلقتها.
كانت تسير في الطريق لا ترى منه شيئا بسبب دمعاتها التي فاضت من عينيها وأعمتها عن الرؤية ليقترب منها شاكر بسيارته ومن ثم يتوقف ويمسك يدها وهو يقول بحنان بالغ فهو راقه ما هي عليه الآن وكسرة قلبها تلك
_ تعالي يا شوق تعالي أوصلك
سارت معه شوق كالمغيبة لا تدري بالمكان ولا الزمان ولا الشخوص تكاد حتى لا ترى أمامها ..لا تشعر بنفسها ولا ما يدور حولها
فاستقرت بالسيارة جوار شاكر دون أدنى مقاومة منها وكأنها لا روح فيها ظلت على وضعها هذا طوال الطريق وشاكر يبدل ما بين نظراته الوجلة نحوها وبين نظراته الحذرة للطريق أمامه.

وصل إلى فيلته وترجل من السيارة ولف للجانب الآخر وفتح الباب لشوق وأمسك بيدها ليخرجها من السيارة برفق.. رفعت رأسها تطالع من يسحبها ورغم أنها نظرت في عينه إلا أنها لم تكن تراه أبدا وقالت وكأنما اختل عقلها ولم تعد كسابق عهدها
_ها
ليقول هو باشفاق شديد أحس به بعدما فعل 
_تعالي يا شوق تعالي 
قالت كالمغيبة
_أچي فين 
_تعالي بس 
جعلها تسير معه بكل هدوء إلى أن دلفوا إلى داخل الفيلا وهناك أجلسها على الاريكة وجلس جوارها يتأملها بقلب بائس 
لتنظر هي حولها بتيه وكأنما فقدت ذاكرتها للتو
_أني فين 
اجاب بحنان أب على ابنته حرم هو منه 
_أنا معاكي يا شوق مټخافيش
رفعت شوق بصرها في أنحاء الغرفة وهي لا تفهم شيئا ومن ثم أعادت بصرها أمامها وشردت في نقطة واحدة لم تحد عنها وظلت على وضعها لفترة
نهض شاكر من مكانه ودلف المطبخ ليطلب من الخادمة كوبا باردا من الليمون ومن ثم خرج به لها 
_شوق اشربي دا 
رفعت بصرها دون أن تنظر له وقالت 
_ها 
علم أنها لن تستطيع شربه وحدها فمد يده وأسقاه إياها بنفسه 
لم تستطع تجرعه كما يجب فحلقها يشتعل كمدا وكأنما حريقة هائلة نشبت بداخله فقټلت كل ما هو جميل به حتى قضت على أي معنى للحياة فيه 
بلبلت ملابسها وسقطت معظم العصير من بين طرفي فمها
فأمسك شاكر بمنديل وبدأ يمسح آثار العصير عن فمها ووجهها وقالت بنبرة حزينة 
_شوق مش عايز أشوفك زعلانه كدا.
هتفت شوق بنبرة أقسم شاكر أن تلك النبرة تخرج من قلب انكسر لنصفين ولا يمكن التحامه أبدا 
_ أني عايزة أنام 
ولأول مرة يفيق مما هو به ولأول مرة يشعر بعظيم الذنب الذي اقترفه في تلك المسكينة وأمها ولأول مرة يشعر بندمه على انتقامه من غريب في شوق وأمها لم يقصد إيذاءهم وانما كان يحبهم حبا جما لكن انتقامه من غريب أعمى قلبه فانجرفوا هم مع تيار انتقامه فغرقوا فيه حد المۏت
نهض من مكانه منكسر لأجلها حزين 
وأسندها بذراعه وسار بها رويدا نحو غرفة عنده مهيأة وقرر تخصيصها لها 
_نامي هنا يا شوق استريحي يا حبيبتي
لفت ببصرها نحوه وقالت ببلاهة
_ها 
تنهد پألم ودموعه تتساقط بغزاره بندم شديد فلم يريد لها كل هذا هو أحبها كما لو كانت ابنته مثلما أحب أمها 
_نامي يا شوق النوم أفضل ليكي دلوقتي
ساعدها على التمدد ودثرها في الفراش وعندما شاهدها تغلق أعينها 
أطفىء نور المصباح وغادر الغرفة واغلقها خلفه جيدا وهو يتمنى أن تنال قسطا من الراحة وتقوم على غير هذا الحال.
اجتمع الأخوة الثلاثة في غرقة مهند الذي كان يصعد على جهاز المشي ويتحرك فيه بسرعة كبيرة جدا وكأنه يحاول بذلك أن يتحكم في تلك الڼار التي
نشبت في قبله وتنطفأ كتلة الڠضب التي أخنقته
ليهتف أمير بحنق وڠضب
_وبعدين انا لا يمكن اتخلى عن شوق في محنتها دي أبدا 
زفر عساف ليخرج ما أعتلى صدره من هم جثم على نفسه حتى ان صوته خرج مخټنقا منزعجا 
_ محدش فينا هيسيب شوق أبدا ومهما حصل بس هي دلوقتي أكيد مڼهارة واعصابها تعبانة ومش هتتحمل حد مننا علشان كدا نستنى لما تهدى وابوك يفكر اننا سمعنا كلامه وبعدنا ونروحلها
لم يدري أمير إلى أي مكان ستذهب اليه شوق 
_طب دي هتروح فين دي ..دي متعرفش حاجة هنا
_لاما هتروح لفداء لاما هترجع بيتها اطمن يا أمير مش هنسيب شوق أبدا
_وتهديدات بابا 
_صحيك بابا ممكن ينفذ تهديداته لكن مش هنعرفه اننا على تواصل معاها .. شوق ملهاش أي ذنب في كل اللي بيحصل حتى لو كانت أمها فعلا زي ما بابا بيقول فشوق ملهاش ذنب أبدا في كل دا واللي عمله معاها ده أنا مش هقبله أبدا... شوق متستاهلش اللي بيحصلها دا أبدا
هنا زاد مهند من سرعته على جهاز المشي وكأنه يؤكد فعلا أن ما حدث لشوق صعب جدا وقسۏة قلب... لا تغتفر.
شوق
أسماء_عبد_الهادي
بارت ٣٦ 
__
أنهت ارتداء ملابسها استعدادا للذهاب لعملها كعادتها في مثل هذا التوقيت في التاسعة فمرت به لتجده نائم مكانه على الأريكة ويبدو أنه يغط في نوم عميق كما لو لم ينم منذ عدة أيام كانت تود إيقاظه ليذهب لأخته لكنها رقت لحاله ولذلك التعب البادي على وجهه فقررت أن تغادر وتتركه نائما ليستقيظ هو وقتما يريد.
لكنها ما إن مرت من أمامه وهمت تجاه الباب حتى سمعت صوته يناديها بصوت ناعس 
_فداء!!
التفتت لتنظر اليه لتجده يحاول أن يعتدل في جلسته ويقول 
_صباح الخير انتي نازلة الشغل ولا ايه انا شكلي كده راحت علي نومه
_صباح النور يا خالد اه فعلا انا نازله الشغل وانا لما لقيتك نايم مرضتش ازعجك وقلت اكيد تعبان فسبتك لما تقوم براحتك
_انا فعلا بقالي كم يوم ما نمتش كويس ... بس انا اول مره احس اني نمت بعمق كده وده طبعا علشان كنت جنب حبيبتي
تجهم وجهها ونظرت له بضجر 
فضحك وقال 
_متبصليش كدا ايه هو انا قلت حاجة غلط انتي مش مراتي حبيبتي
ارتبكت وحاولت أن تغير الموضوع لحتى يتوقف عن طريقته الملتوية تلك 
_احم.. ااا.. الفطار في المطبخ جاهز تقدر تفطر قبل ما تنزل... أنا هنزل انا دلوقتي علشان متأخرش سلام
_لا استني تنزلي ايه
_ايه في ايه 
_فطرتي الأول ولا لسه 
_لا بصراحة لسه... مجاليش نفس قلت لو جعت هفطر ف المكتب
_طب تعالي نفطر سوا
_معلش يا خالد أنا اتأخرت ولازم أنزل دلوقتي
_هوصلك بنفسي بعربيتي يلا بقا حضري الأكل لحد ما اقوم أغسل وشي وأفوق
طالعته بضجر فهي لا تود الجلوس وتناول الفطور معه
_يا خالد بقولك مليش نفس ولازم أنزل دلوقتي
تجهم وجه خالد فهي مصرة أن تغلق كل الأبواب وتسد كل الطرقات في وجهه فزفر بضيق وقال بنبرة جدية جامدة
_طب اتنيلي استنى لما أغسل وشي علشان أوصلك
فتحت فمها لتعترض على توصيله إياها 
_يا خالد قلتلك..انا...
قاطعها بحدة 
_قلت هوصلك خلاص بقا.
استغربت حدته لكنها بقيت صامتة واضطرت لأن تنتظره لأن يوصلها.
دخل المرحاض وغسل وجهه ومشط شعره وعدل من هندامه وخرج لها وهو يمد يده أمامها تجاه الباب وهو يقول بانزعاج حاول كبته 
_اتفضلي 
_طب خدلك ساندويتش على الأقل
_مش عايز اتزفت أفطر اتفضلي 
تنهدت بحنق وسارت أمامه ليغلق هو الباب جيدا خلفها ويتبعها على درجات السلم
كانت تسبقه ببضع درجات
 

تم نسخ الرابط